هو مرضٌ يبدو، من اسمه، مخيفاً ومبهما في الوقت عينه، "فالتصلب اللويحي" هو مرض مزمن يتطور على مر السنين، يصيب الجهاز العصبي المركزي الذي يضم الدماغ والنخاع الشوكي ويحتوي على خلايا عصبية مصممة لإرسال إشارات عبر أنحاء الجسم، تمر عبر الألياف العصبية، ويحميها غلاف عازل مكون من "المايلين"، وهذه الإشارات مسؤولة عن الكثير من الوظائف بينها التوازن، التنسيق الجسدي، البصر والذاكرة. هكذا يعرفه دكتور الدماغ والجهاز العصبي كامل عز الدين في حديثه لـ"النشرة".

عوارض المرض

هذا على صعيد التعريف، أما في الواقع، فالتصلب اللويحي، حسب عز الدين، ناتج عن خطأ يرتكبه جهاز المناعة في التمييز بين الخلايا الطبيعية والخلايا الغريبة، حيث يقوم بمهاجمة ذاته من خلال مهاجمة خلايا الجسم ظناً أنها أشياء دخيلة أو غريبة، وتؤدي هذه الهجمات الى إتلاف غلاف "المايلين" الواقي حول الألياف العصبية من الدماغ الى العمود الفقري، محدثاً أحياناً بقعاً من النسيج الندبي تُدعى التصلبات أو الآفات.

ويوضح عز الدين ان هذا التلف قد يُصيب أي جزء من أجزاء الدماغ أو العصب البصري أو النخاع الشوكي، ويتسبب بمجموعة من المشاكل الجسدية والعقلية بما فيها فقدان السيطرة على الأطراف والعضلات، الى جانب فقدان القدرة أيضاً على التنسيق بين أعضاء الجسم وعدم التوازن أثناء المشي، في شكل جزئي أو كلي، والى رؤية مزدوجة أو ضبابية في عين واحدة، بينما العين الثانية تبقى سليمة، والى شعور بالغثيان وبإنعدام الإحساس أو التنميل والى تعطل الوظائف الفكرية وشعور عام بالإرهاق، وتأثير على القدرة الاستيعابية.

لا علاج حتى الساعة

يؤكد عز الدين انه على الرغم من كثرة الابحاث العلمية، الا ان اسباب هذا المرض لم تعرف بعد، مشيرا الى انه يتركز في شمال الكرة الأرضية، في كندا والولايات المتحدة الأميركية وفي بريطانيا، أما بالنسبة الى إفريقيا الجنوبية وتايوان واليابان فنادرٌ، ويُستدل من هذا نظرية أن لأشعة الشمس مع فيتامين "د" مفعولاً ايجابياً، لافتا الى وجود رأي آخر يقول ان سببه وراثي، لكنه يعود ويشدد على ان كل ذلك يبقى في اطار النظريات ولا شيء مثبت.

وعن العلاجات والتطور العلمي، يوضح عز الدين ان أول عشر سنوات سيعيش مع الأعراض ثم سيضطر حوالي 50 بالمئة من المصابين خلال 25 عاماً الى استخدام العكاز وصولاً الى الكرسي النقال، ويستطرد: "عندما بدأت مزاولة المهنة، لم يكن هناك علاج للمرض"، حتى العام 1990 حين تم اكتشاف دواء هو عبارة عن ثلاث إبر تحت الجلد كل اسبوع، والنوع الثاني عبارة عن ابرة بالعضل مرة كل اسبوع، ومنذ ذاك الحين والعلاجات تتقدم والأبحاث تتسارع الى ان شهدنا منذ حوالي السنتين ثورة في علاج التصلب اللويحي حيث اصبحت الادوية على شكل اقراص، ولكن جميعها تعمل على التخفيف من حدة المرض وهي غير شافية، ويلفت عز الدين الى ان كلفة العلاج مرتفعة جدا تتخطى الاف الدولارات شهريا، لذلك تقوم وزارة الصحة بتأمين الادوية للمرضى.

وللمفارقة هنا ان نحو 66 في المئة من المصابين هم من النساء دون معرفة الاسباب حيث يبدو ان في الطب ايضاً، كما في الحياة، ليس لكلِ سؤال جواب.

تجربة حسين مع المرض

أُصيب حسين ايوب، بالتصلب اللويحي منذ خمسة عشر سنة، فالرجل الاربعيني عايش المرض بكل فصوله. ويقول في حديث لـ"النشرة": "كان يومًا من ايام العمل الاعتيادية حين شعرت بتنميل هائل وبآلام في القدمين واليدين، ظننت في البداية أنه من تأثير العمل ولكن مع استمراره قررت استشارة طبيب مختص، فتبيّن وجود أماكن صامتة في دماغي". ويضيف: "شعرت بالخوف ولكنني قررت المواجهة بإرادة قوية، واكملت حياتي وتزوجت ولم اعر اهمية "للشفقة" التي كان يبادلني بها البعض لان شيئا في الدنيا لن يحد من احلامي وطموحي ببناء حياة سعيدة".

كثيرة هي الامراض المزمنة التي لا علاج لها، الا ان العاطفة والشق النفسي يلعبان دورا مهما في مواجهة الكثير منها، كما هو الحال لمرض التصلب اللويحي، وهذا ما تحاول زوجة حسين فعله عبر مرافقته، في مسيرته العلاجية والحياتية، عملا بمبدأ "الحب أقوى من أي علاج".